القائمة الرئيسية

الصفحات

جمع القرآن في المصحف العثماني
خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه



 توليه الخلافة رضي الله عنه الثالث والعشرون من الهجرة :

جعل عمر رضي الله عنه امر الخلافة من بعده في ستة اشخاص كلهم مؤهلين للخلافة من بعده وهم علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله ، امرهم ان يجتمعوا ويشاورا ليجعلوا الخلافة لاحدهم وان يكون معهم عبد الله بن عمر مرشدا فقط وليس مرشح معهم وان المقداد بن الاسود وابا طلحة الانصاري يرقبا سير الامر ، وحدد مدة هذه الشوري بثلاث ايام وان يصلي بالناس في هذه الايام صهيب الرومي حتي لا يصلي احد الستة فيقال هذا ترشيح من عمر ، وقال لهم لا يأتي اليوم الرابع إلا وعليكم أمير ، وقال لهم فإن رضي ثلاثة رجلا منهم ، وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر، فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، وقال عنه : نعم ذو الرأي عبد الرحمن بن عوف، مسدد رشيد، له من الله حافظ، فاسمعوا منه ، ثم قال لابي طلحة الأنصاري: يا ابا طلحة، إن الله أعز الإسلام بكم، فاختر خمسين رجلا من الأنصار فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم ، وقال قال للمقداد بن الأسو اذا وضعتموني في حفرتي، فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلا منهم .
بعد ان توفي عمر رضي الله عنه ودفن ، اجتمع المرشحين واعضاء الشوري في بيت عائشة رضي الله عنها ، اقترح عبد الرحمن بن عوف ان يجعل الامر في ثلاثة ، فقال الزبير : جعلت امري لعلي ، وقال طلحة : جعلت امري لعثمان ، وقال سعد : جعلت امري لعبد الرحمن ، فأصبح الامر في الثلاثة علي وعثمان وعبد الرحمن ، ثم تكلم عبد الرحمن مرة اخري وقال ايكم يخرج منها ونجعل الامر اليه (اي يخرج احد الثلاثة المختارين ويترك امر الخلافة ، علي ان يختار هو الخليفة من الباقين) فسكت علي وعثمان فقال عبد الرحمن : أفتجعلونه إليَّ والله على أن لا آلو عن أفضلكم ، فوافقوا ، وهكذا انتهت امر الشوري واصبح القرار عند عبد الرحمن بن عوف .
جعل عبد الرحمن علي وعثمان يقسمان علي ان يعدل من يوليه منهم وان الاخر يسمع ويطيع فأقسما علي ذلك ، 

بدأ عبد الرحمن يشاور كل من يلقاه في المدينة من كبارالصحابة وأشرافهم، ومن أمراء الجند ، ومن يأتي للمدينة  ، وشملت مشاورته النساء في خدورهن، وقد أبدين رأيهن ، كما شملت الصبيان والعبيد في المدينة .
في ليلة اليوم الرابع ذهب عبد الرحمن بن عوف إلى بيت ابن أخته: المسور بن مخرمة، فطرق البيت، فوجد المسور نائما، فضرب الباب حتى استيقظ فقال: أراك نائما فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق فادع الزبير وسعداً، فدعاهما  له، فشاورهما ثم دعاه فقال: ادع لي علياً فدعاه فناجاه حتى ابهارَّ (منتصف) الليل ثم قام علي من عنده، ثم قال: ادع لي عثمان فدعاه فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح.
وبعد صلاة الفجر اليوم الأخير من شهر ذي الحجة العام الثالث وعشرون من الهجرة وكان صهيب الرومي الإمام إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف، وقد اعتم بالعمامة التي عممه بها رسول الله، وكان قد اجتمع رجال الشورى عند المنبر ، أرسل إلى من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار وأمراء الأجناد ، وكان حاضرا  معاوية أمير الشام، وعمير بن سعد أمير حمص، وعمرو بن العاص أمير مصر، وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر وصاحبوه إلى المدينة.
قال عبد الرحمن أيها الناس ، إني سألتكم سرا وجهرا بأمانيكم فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين أما علي وأما عثمان ، فقم إلي : يا علي ، فقام إليه تحت المنبر فأخذ عبد الرحمن بيده وقال :هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر ، فقال علي لا ، ابايعك علي كتاب الله وسنة نبيه ثم اجتهد كما اجتهدا جهدي من ذلك وطاقتي ، فأرسل عبد الرحمن يده ، وقال : قم إلي يا عثمان ، فأخذ بيده ، فقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر ، قال عثمان  : اللهم نعم ، فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان ، فقال : اللهم أسمع واشهد ، اللهم أسمع واشهد ، اللهم أسمع واشهد ، اللهم إني قد خلعت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان ، فصار عثمان الخليفة وثاني من بايعه بعد عبدالرحمن علي ثم بايعه الناس.

خطبته عند توليه الخلافة رضي الله عنه:

في اليوم الثاني بعد البيعة ، خطب امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه فقال : أمَّا بعد: فإنِّي كلِّفت، وقد قبلت، ألا وإنِّي متَّبعٌ، ولست بمبتدعٍ، ألا وإنَّ لكم عليَّ بعد كتاب الله، وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: اتِّباع من كان قبلي فيما اجتمعتم عليه، وسننتم، وسنَّ أهل الخير فيما تسنُّوا عن ملأ، والكفَّ عنكم إلا فيما استوجبتم العقوبة، وإن الدُّنيا خضرةٌ  وقد شهيت إلى النَّاس ومال إليها كثيرٌ منهم، فلا تركنوا إلى الدُّنيا ولا تثقوا بها، فإنَّها ليست بثقةٍ، واعلموا أنَّها غير تاركةٍ إلا من تركه.

رسائله للولاة وامراء الجيوش رضي الله عنه :

وقد اتَّخذ عثمان رضي الله عنه في دولته مجلساً للشُّورى يتألَّف من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، وقد طلب عثمان رضي الله عنه من العمَّال، والقادة قائلاً: أمَّا بعد: فقوموا على ما فارقتم عليه عمر، ولا تبدِّلوا، ومهما أشكل عليكم؛ فردُّوه إلينا نجمع عليه الأمَّة، ثم نردُّه عليكم.
بعث عثمان الكتب الي الولاة وامراء الجيوش ليبين لهم منهجة وطريقة تعامله معهم في الحكم.

كتابه للولاة :

أما بعد، فإن اللَّه أمر الأئمة أن يكونوا رعاة، و لم يتقد إليهم أن يكونوا جباة، وإن صدر هذه الأمة خلقوا رعاة و لم يخلقوا جباة، وليوشكن أئمتكم أن يصيروا جباة ولا يكونوا رعاة، فإذا عادوا كذلك انقطع الحياء والأمانة والوفاء‏.‏ ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا في أمور المسلمين وفيما عليهم فتعطوهم مالهم وتأخذوهم بما عليهم، ثم تثنوا بالذمة فتعطوهم الذي لهم وتأخذوهم بالذي عليهم، ثم العدو الذي تنتابون فاستفتحوا عليهم بالوفاء‏.

كتابه لامراء الجيوش :

أما بعد، فإنكم حماة المسلمين وذادتهم، وقد وضع لكم عمر ما لم يغب عنا بل كان عن ملأ منا‏.‏ ولا يبلغني عن أحد منكم تغيير ولا تبديل فيغير اللَّه ما بكم ويستبدل بكم غيركم‏.‏ فانظروا كيف تكونون فيما ألزمني اللَّه النظر فيه والقيام عليه.

كتابه لعمال الخراج :

أما بعد، فإن اللَّه خلق الخلق بالحق فلا يقبل إلا الحق‏.‏ خذوا الحق وأعطوا الحق به‏ ، والأمانة الأمانة ولا تكونوا أول من يسلبها فتكونوا شركاء من بعدكم إلى ما اكتسبتم‏.‏ والوفاء الوفاء ولا تظلموا اليتيم ولا المعاهد فإن اللَّه خصم لمن ظلمهم.

كتابه لعامة الناس :

أما بعد، فإنكم إنما بلغتم ما بلغتم بالإقتداء والإتباع فلا تلفتنكم الدنيا عن أمركم فإن أمر هذه صائر إلى الابتداع بعد اجتماع ثلاث فيكم‏:‏ تكامل النعم، وبلوغ أولادكم من السبايا، وقراءة الأعراب والأعاجم القرآن فإن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم  قال‏:‏ ‏‏الكفر في العجمة فإذا استعجم عليهم أمر تكلفوا وابتدعوا.

نسخ القرآن الكريم :

كان ابوبكر رضي الله عنه قد جمع القرآن في مصحف واحد ، وفي عهد عثمان رضي الله عنه ، وعندما اتسعت الاراضي الاسلامية ، وظهرت قراءات متعددة ، نظرا لاختلاف لهجات العرب ، حتي صار اهل الامصار ينكرون علي بعض ما يقرأون وكل ينكر قراءة الاخر ، بلغ الامر عثمان فأمر عبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعلي رأسهم زيد بن ثابت ان يقوموا بنسخ مصحف ابوبكر عدة نسخ علي لهجة قريش ، فأرسل الي حفصة بنت عمر يطلب منها المصحف ثم سلمه لهم.
ارسل عثمان نسخة الي مكة وواحدة الي الشام والي العراق والي مصر والي اليمن وواحدة عنده في المدينة ، ثم امر ان يتم حرق اي نسخ او اجزاء اخري مكتوبة والنسخ من هذه النسخة فقط ولا تنسخ نسخة الا بمراجعة القراء ، وقضي بذلك علي الاختلاف وتم جمع المصحف علي قراءة واحدة.

اضافات عثمان رضي الله عنه :

جعل امر جمع الزكاة في الاموال الظاهرة فقط ، وان هنالك اموال اخري باطنة يجب علي الشخص دفع زكاتها الي من يستحق دون تدخل الدولة .
اضاف النداء الثالث يوم الجمعة ، فقد كثر اهل المدينة فصار عثمان يرفع النداء في السوق قبل فترة من صلاة الجمعة حتي يعلم الناس ان وقت الجمعة قد اقترب ويوقفوا الشراء والبيع ، ولم ينكر ذلك الصحابة فصارت سنة بالاجماع.
اقامة دار خاصة  للقضاء ، و اوجد نظام كامل للشرطة.

النهضة الاقتصادية في عهده رضي الله عنه :


كان يأتي المال الي بيت مال المسلمين في عهده عن طريق الزكاة  ، وخمس الغنائم من الحرب ، والجزية من اهل الذمة ، وخراج التجارة ، وعشور التجارة التي تمر بالاراضي الاسلامية ، و قام بزراعة الاراضي ، ونمي المال فهو رضي الله عنه كان تاجرا خبيرا فكان من اغني الناس فنمي مال بيت المسلمين في عهده نموا كبيرا.
فزاد بيت مال المسلمين حتي اغتني الناس فكان لكل اسرة الف وخمسمائة درهم ولكل طفل اضافي عشرة دراهم وزادها الي مائة ، وخصص عطاء للجنود الذين يموتون ، وزاد مبالغ كل العطاءات التي خصصها عمر رضي الله عنه .
وكان المنادي ينادي ايها الناس اغدوا علي عطاياكم ، وفي الصباح يأخذ كل المسلمين في كل ديار الاسلام مبلغ مالي ، وفي اليوم التالي ينادي المنادي ايها الناس اغدوا علي ارزاقكم ، وفي الصباح يأخذ كل المسلمين بعض العسل والعدس والطحين ومستلزمات اكلهم ، وينادي اغدوا علي كسوتكم ، وفي الصباح يأخذون الملابس ، يقول عن عهده الحسن البصري : أرزاق دارَّة، وخير كثير، وذات بين حسن، ما على الأرض مؤمن يخاف مؤمنا إلا يوده وينصره ويألفه.
وامر بزيادة مرتبات جميع الجيوش وزاد العدة والعتاد ، وبدأ يصرف راتب للجيوش المرابطة ، وخصص مكافأت للجند الذين يقدمون اداء خاص حتي يشجعهم علي الاستبسال ، وانشأ اول اسطول بحري في الاسلام.
اما في العمران فقد وسع المسجد النبوي في سنة تسع وعشرون من الهجرة فجعله اضعافا وبناه من الحجارة والقصة وجعل اعمدته من الحجارة المنقوشة وسقفه بالساج ، وعمل علي بنائه سنة كاملة ، وانشأ مينا جدة ، وحفر عدة ابار حول المدينة .
كان عثمان رضي الله عنه اول من جعل رواتب ثابتة للمؤذنين ، وذاد رواتب الولاة حتي يفرغوا لعمل الولاية ، والغي راتب الخليفة.






تعليقات