القائمة الرئيسية

الصفحات

 

علي بن ابي طالب يحاول توحيد الأمة الإسلامية
امير المؤمنين علي بن ابي طالب


ما حدث بعد مقتل عثمان رضي الله عنه :

بقيت المدينة بعد مقتل عثمان خمسة ايام بدون خليفة ، والثوار لا يستطيعون ان يولي احد منهم فهم يعلمون ان الناس لن يرضوا بهم مع وجود كبار الصحابة والمبشرين بالجنة وهؤلاء الثوار لم يكن فيهم صحابي واحد ، ذهب الي الثوار الي علي فلم يرضي مقابلتهم ورفض الخلافة وذهبوا الي الزبير فرفض وكذلك رفض طلحة ورفض ايضا سعد بن ابي وقاص وردهم رافضا ايضا عبد الله بن عمر رضي الله عنهم جميعا .

توليه الخلافة رضي الله عنه :

استمر الامر بدون خليفة للمسلمين الي يوم الخميس  اليوم الخامس من مقتل عثمان ، فعلم الثوار ان احد لن يرضي بمبايعتهم له فاجتمع الثوار المصريون بأهل المدينة وقالوا لهم انتم اهل الشوري ولكم الامر فمن تولوه يرضي به المسلمين فأجتمع اهل المدينة وتشاوروا فاتفقوا على علي بن ابي طالب و وافقهم الثوار فذهبوا الي علي رضي الله عنه ، فذهب وفد من اهل المدينة لعلي فقال لهم : دعوني التمسوا غيري فإنا مستقبلون امر له وجوه والوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول (يعني دخلت الفتن وان الامر لم ينتهي وستكبر الفتن ، فهو كان ذو حكمة ونظر بعيد رضي الله عنه ) ، فبدأ اهل المدينة يناشدوهم وقالوا نناشدك الله الا ترأى الفتن ، فقال  : ان استمعت لكم تركبون امري اي تطيعوني ، والا اتركون فأنا مثلكم الا اني اسمعكم واطيعكم ان ولي غيري ، فقالوا نشاور الناس ، ثم عادوا وقالوا انا موافقين ، فقال لهم : اجمعوا الناس وتواعدوا علي الغد.
في اليوم التالي وكان يوم الجمعة جاء علي رضي الله عنه الي المسجد وصعد المنبر وقال :
ايها الناس عن ملأ واذن ، إن هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا من أمرتم، وقد افترقنا بالأمس على أمر وكنت كارها لأمركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم، فأن شئتم قعدت له ولا فلا اجد علي احد ، فقالوا جميعا نحن علي ما فارقناك عليه بالامس .
كان علي متردد من الامر بسبب هذه الاحداث والقتل الشنيع الذي حدث بحق عثمان رضي الله عنه ، ولكن الان المدينة في يد هؤلاء الثوار ولا بد لاحد من الصالحين من تولي الامر فرأي ان عدم وجود خليفة للمسلمين سيشكل خطر للاسلام فقبل الخلافة مع علمه انها مثخنة بالجراح والمصائب فلابد ان يتولاها من له علم وحكمة .
 عن سالم بن أبي الجعد عن محمد بن الحنفية : (فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل ولابد للناس من إمام ولا نجد أحداً أحق بهذا منك أقدم مشاهد، ولا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي: لا تفعلوا فإني وزير خير مني أمير، فقالوا: لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك قال: ففي المسجد فإنه لا ينبغي بيعتي أن تكون خفياً ولا تكون إلا عن رضا من المسلمين قال: فقال سالم بن أبي الجعد: فقال عبد الله بن عباس فلقد كرهت أن يأتي المسجد  كراهية أن يشغب عليه وأبى هو إلا المسجد فلما دخل المسجد جاء المهاجرون والأنصار فبايعوا وبايع الناس) واول من بايعة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وبايعه كبار الصحابة .

خطبته عند تولي الخلافة رضي الله عنه :

 إن الله أنزل كتابا هاديا يبين فيه الخير والشر، فخذوا بالخير ودعوا الشر، الفرائض الفرائض، أدوها إلى الله تعالى يؤدكم إلى الجنة، إن الله حرم حرمات غير مجهولة وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق، لا يحل دم امرئ مسلم إلا بما يجب، بادروا أمر العامة، وخاصة أحدكم الموت، فإن الناس أمامكم وأن ما خلفكم الساعة تحدوكم، تخففوا تلحقوا، فإنما ينتظر الناس أخراهم. اتقوا الله عباد الله في بلاده وعباده، إنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم. أطيعوا الله فلا تعصوه، وإذا رأيتم الخير فخذوا به، وإذا رأيتم الشر فدعوه، "واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض" .

تغير الولاة :

كانت السيطرة العسكرية في المدينة بيد الثوار ، فأراد علي رضي الله عنه ان يبعدهم عن المدينة فوجد ان ثورتهم علي عثمان انهم اتهموه بتولية اقاربه فوجد ان يغير الولاة ، ليتخلص من سيطرة الثوار علي المدينة وكذلك ليعلم الناس انه هو الان امير المؤمنين.

فأرسل عثمان بن حنيف رضي الله عنه واليا للبصرة ، وترك ابو موسي الاشعري علي الكوفة ، وبعث بسهل بن حنيف الي الشام ليكون واليا مكان معاوية بن ابي سفيان وكان معاوية قد وضع حراس علي حدود الشام فأرجعوا سهل ولم يسمحوا له بدخول الشام ، وبعث سعد بن قيس بن عبادة الي مصر وكانت لها جماعة منشقة لم تبايع ولم تقاتل فتركهم علي ، وبعث الي مكة خالد بن العاص فوجدها انقسمت الي جماعات ولم يبايعوا خالد واليا ولم يبايعوا علي اميرا للمؤمنين ، وبعث عبيد الله بن عباس الي اليمن وبايعوه ، وخضعت كل الامصار وكانت الولاية الوحيدة التي رفضت رفض صريح هي الشام بقيادة معاوية بن ابي سفيان الذي رفض البيعة حتي يتم قتل قتلة عثمان (لم يعلن معاوية انه خليفة فالصراع لم يكن علي الخلافة انما شرطه لمبايعة علي ان يقتل قتلة عثمان اولا فهو ولي دمه ، فنائلة زوجت عثمان عندما قتل ارسلت قميصه رضي الله عنه بدمه واصابعها التي قطعت الي معاوية وقالت له انت وليه) ، وبهذا استقرت البيعة لعلي فهو الاحق بها والافضل لها وخليفة راشد ،حتي الذين لم يبايعوا لم يعلنوا خليفة اخر انما رفضهم لاسباب اخري.

منهجه رضي الله عنه :

اراد علي ان تخضع له كل الدولة الاسلامية لينهي الفتنة ويستقيم الامر ، فلابد من وجود الامن حتي تتم محاكمة قتلة عثمان بدون ضغط سياسي او عسكري حتي لا يدخلها الظلم ، وكذلك ان الثوار الان كثرة ومسيطرين علي المدينة فأراد ان يستقر الامر اولا ، فلا يمكن انعقاد محكمة بدون امن وسيطرة كاملة علي الدولة.

رسالته للولاة :

 انصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية ووكلاء الأمة وسفراء الأئمة ، ولا تحسموا أحدا عن حاجته ولا تحبسوه عن طلبته ولا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف ولا دابة يعتلون عليها ولا عبدا ، ولا تضربن أحدا سوطا لمكان درهم.
وارسل الي البعض : اما بعد  فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالأمور.

قراراته :

_ ليس له او اي احد من اهل بيته اي خاصية في بيت مال المسلمين فهو مثل باقي الناس تماما ، ولا يخص قريبا او حميما بالولايات انا يولي اهل الدين والامانة .
_ كل من تحوم حوله الشبهات والاقاويل  من الولاة سيتم تغيره فورا ، وامر الولاة بتحصيل الاموال بالحسني ، والعدل والا يجعلوا في مجلس شوراهم بخيلا او جبانا او حريصا .
_ثبت مبدأ الحق العام في القضاء .
_نقل العاصمة الي الكوفة ، وانتقل هو و اعيانه الي الكوفة (خوفا من حدوث الفتنة بالمدينة لمكانة الرسول صلي الله عليه وسلم ، وكانت ملتقي الشعوب من جميع الاجناس ، وكانت ملتقي التجارة ، ولوجود جيش كبير بالكوفة "يقول بعض المررخين انها انسب عاصمة سياسيا وجغرافيا وعسكريا وثقافيا في ذلك الزمان) .

مواجهة الفتن :

لم يكن هناك نزاع علي الخلافة فلم يكن معاوية قد اعلن نفسه خليفة وهو يعلم ان علي احق منه وافضل منه لهذا ، انما كان النزاع علي الاولويات فكان علي رضي الله عنه قاضيا في عهد الخلفاء بعده ويعلم انه لايستطيع اقامة محاكمة عادلة للاقتصاص من قتلة عثمان في ظل الظروف الموجودة حاليا في المدينة وان الثوار هم نفسهم من يسيطرون علي المدينة ، فهو يرأي ان الاولي ان يتم تثبيت حكمه وخلافته اولا وبسط الامن والسيطرة علي المدينة من الثوار ثم محاكمتهم محاكمة عادلة لمعرفة فعل كل منهم ، فخلافته لم يرفضها احد من معارضيه لا عائشة ولا طلحة ولا الزبير ولا حتي معاوية رضي الله عنهم  فهم لم يعلنوا رفضهم لشرعية خلافة علي 
ولم يطرح احد خليفة بديل وهم يروا ان يتم القضاء علي الثوار و قتل قتلة عثمان اولا ، فألاختلاف بينهم كان علي الاولويات .

قبل الحديث عن الفتن هناك امور يجب معرفتها :

خلافة علي كانت خلافة شرعية ولم ينازعه احد.
 لم يطرح خليفة بديل ولم ينادي احد بذلك.
كل الصحابة من طرف علي والاخرين متفقين علي لعنة قتلة عثمان وغير راضين عن قتله.
الاختلاف كان علي الاولويات وليس الخلافة.
منهج اهل السنة يجتنب الخوض في الحديث عما جري بين الصحابة في هذه الفترة ، ونحن كذلك لن نخوض في التفاصيل الغير مثبتة ، ولكن سنتحث بإجاز عن تلك الفترة فلا نستطيع دراسة تاريخ الاسلام وتخطي تلك الفترة وهي عدة سنين دون معرفة ماحدث في تلك الفترة  فكبار المؤرخين ذكروا تلك القصة (فليس الممنوع هو الحديث عن الصحابة او ما جري بينهم بل الممنوع هو ذكره بطريقة تسئ للصحابة ولا تعدلهم والجرأة عليهم فهو حدث في التاريخ كيف نلغيه ) 
فلا يجوز تغير النفوس تجاه الصحابة وامهات المسلمين رضي الله عنهم ولابجوز الاساءة اليهم وظن السوء بهم.

ماذا حدث بالشام :

ذكرنا ان نائلة زوجت عثمان ارسلت قميصه بدمه واصابعها التي قطعت الي معاوية بالشام واخبرته انه ولي دمه وان يطالب بالقصاص فيه.
صعد معاوية المنبر ورفع قميص عثمان واصابع نائلة المقطوعة فتباكي الناس في الشام بكاء شديدا علي مقتل الخليفة واجمع كل اهل الشام وكان فيهم جماعة من الصحابة علي مساعدة معاوية في الاقتصاص من قتلت عثمان رضي الله عنه .
كان من الحابة بالشام عبادة بن الصامت و ابو الدرداء و امامة وعمرو بن عبسة و عمرو بن العاص و غيرهم.
معاوية لم يسلم ولاية الشام ولم يرد علي كتب علي ثم ارسل كتاب الي علي ، لما دخل الرسول على علي قال له جئتك من قوم لا يريدون الا القصاص كلهم مبتور ، قد تركت سبعون الف رجل بالشام يبكون تحت قميص عثمان ، فقال علي : اللهم اني ابرأ اليك من دم عثمان .
لما خرج رسول معاوية من علي اراد الثوار الخوارج قتل الرسول لكن حماه علي حتي خرج منهم .

مطالبة الزبير وطلحة بدم عثمان رضي الله عنهم :

دخل طلحة والزبير على علي رضي الله عنهم في المدينة وطالبوه بالقصاص لعثمان رضي الله عنه ، فين لهم الوضع الان وان الثوار مسيطرين علي المدينة ، يذكر الطبري القصة (واجتمع إلى علي بعدما دخل طلحة والزبير في عدة من الصحابة، فقالوا: يا علي إنا قد اشترطنا إقامة الحدود، وإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم هذا الرجل وأحلّوا بأنفسهم، فقال لهم: يا إخوتاه، إني لست أجهل ما تعلمون، ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم! هاهم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم، وثابت إليهم أعرابكم، وهم خلالكم يسومونكم ما شاءوا، فهل ترون موضعاً لقدرة على شيء مما تريدون؟ قالوا: لا، قال: فلا والله لا أرى إلا رأياً ترونه إن شاء الله) .
وقال لهم ان يصبروا حتي تستقر الامور و يتم توحيد المسلمين .
طلب الزبير وطلحة الاذن من علي ليذهبا الي البصرة والكوفة ليجمعوا جيشا لمواجهة هؤلاء الثوار فالبصرة الكوفة مشحونة بالسلاح والرجال منذ عهد عمر ، رأي علي ان هذا سينتج عنه هجوم علي المدينة التي بها الصحابة وقبر الرسول صلي الله عليه وسلم والبقيع فخاف علي المدينة ولم يريد حدوث شئ بالمدينة  فلم  يرضي ، فقالا اذا ائذن لنا بترك المدينة والذهاب الي العمرة فأذن لهما فخرجا الي العمرة.


تعليقات