القائمة الرئيسية

الصفحات

 

فتح بيت المقدس وطاعون عمواس
عصر الإسلام

فتح حلب وانطاكية :

سار ابوعبيدة نحو حلب فتحصن اهلها وهم لا امل لهم الان فهرقل قد هرب من الشام ، فطلبوا الصلح علي الامان لانفسهم وموالهم ودورهم وكنائسهم وحصونهم فوافق ابوعبيدة علي شرط اخذ ارض داخل حلب تبنئ كمسجد فوافقوا وتم بناء مسجد حلب.
ثم سار ابوعبيدة الي انطاكية وتم الصلح معهم علي المغادرة لمن اراد والجزية لمن بقي ، وكانت انطاكية من اعظم ثغور وحصون الروم ومركز لجيوشهم  فأمر عمر بن الخطاب ببقاء حامية ترابط فيها .
ثم سار الي معرة وفتحها وتم فتح جميع المدن والقري القريبة من حلب وانطاكية.

فتوحات فلسطين :

بعد ذلك سار ابوعبيدة بجيشه نحو فلسطين لاستكمال فتحها ، وكان علي فلسطين والاردن عمرو بن العاص وكان قد وصلته الاخبار بتجمع الروم في ثلاث مناطق بفلسطين في الفالوجة التي كان بها اعظم قادتهم بعد فرار هرقل ويسمي الارطبون وكانت معه معظم قوات الروم الفارة ، وفي بيت المقدس ، وفي الرملة.
صار عمرو يرسل القوات تارة الي الرملة وتارة الي بيت المقدس لكي يشغلهم ولا ينضموا الي ارطبون في الفالوجة فيصبح جيش عظيم يصعب مواجهته .
استطاع الارطبون ان يجمع قوات كثيرة في منطقة اجنادين ، وكان ارطبون داهية الجيش الرومي .

معركة اجنادين : 

يقول عمر بن الخطاب رمينا ارطبون الروم بارطبون العرب ، في حديثة عن معركة اجنادين.
تجمع الروم ومن ولاهم من اهل فلسطين في اجنادين ، فتحرك اليهم عمرو بن العاص فتحصنوا في اجنادين ، وبدأت المكاتبات بينهم ، فأرسل عمرو الي ارطبون يخبره انه سيرسل له رسول ، وذهب اليه عمرو بنفسه كأنه الرسول من عمرو بن العاص اليه ، وبدأ يحاوره وتعجب ارطبون من ذكاء هذا الرسول ، ففكر انه عمرو بن العاص بنفسه او احد اكبر قادته فلا يمكن ان يكون هذا مجرد رسول ، وراقب عمرو الجيش ورأي نقاط ضعفه وقوته ، فأراد الرجوع واستأذن ارطبون وخرج فكر ارطبون انه بقتله لهذا القائد سيحدث خلل عند المسلمين ، ارسل ارطبون لاحد الحراس وامره ان يكمن له بالخارج ويقتله حتي لا يقولون قتلوا الرسول عندهم ، انتبه عمرو لتحركات غريبة فعرف بفطنته انهم يريدون قتله ، فرجع الي الارطبون وقال له : ايها الامير اني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي وانا واحد من عشرة بعثنا امير المؤمنين عمر بن الخطاب الي ابوعبيدة في الشام واني قد احببت ان أتيك بهم ليسمعوا كلامك وتسمع كلامهم فقال له نعم إتني بهم ، وذهب عمرو وقرر ارطبون تركه ليقتل العشرة كلهم عندما يأتوا ، رجع عمرو وارسل الي الارطبون وقال له لقد عرفتني وعرفتك فتعجب الارطبون من ذكائه ومقدرة فهمه علي ما يدور في نفسه وقال خدعني الرجل هذا والله ادهي العرب .
بعد استمرار الحصار حدث القتال وهجم عمرو علي مواطن الضعف التي اكتشفها عند زيارته للمدينة وحدث قتال عظيم حتي قيل انه يوازي قتال اليرموك وهزم الروم وفتحت اجنادين ودخلها المسلمين وهرب ارطبون الي ايلياء (كانت القدس في هذا الزمن تسمي ايلياء) وتجمع الروم ومن والاهم في ايلياء.

فتح بيت المقدس :

كان المسلمون قد وضعوا بيت المقدس نصب اعينهم منذ توغلهم في الشام لمكانته الدينية ، فهو اولي القبلتين وفيه مجمع الانبياء ، ومسري النبي صلي الله عليه وسلم ومنه معرجه الي السماء.

بينما كان ابوعبيدة وخالد يفتحان شمال الشام ، اتجه عمرو بن العاص الي بيت المقدس بعد فتح اجنادين وحاصر بيت المقدس ، وكان قد التجأ اليه الفارين من جيوش الروم والخارجين من المدن التي فتحها المسلمين وعلي رأسهم الارطبون وتولي قيادة الدفاع عن المدينة .
لقي عمرو مواجهة شرسه من الروم وسكان المدينة ورفضوا الصلح وتسليم المدينة ، واستعمل الروم المجانيق من فوق الاسوار لضرب المسلمين فحدثت اضرار كبيرة في المسلمين ، وساء الطقس واشتد البرد علي المسلمين مما زاد من صمود اهل المدينة المحاصرين .
اضطرَّ عمرو بن العاص، في هذه الظُروف القتاليَّة الصعبة، أن يكتب إلى عُمر في المدينة المُنوَّرة يطلب منهُ المُساعدة، فاستجاب لِطلبه وأرسل إلى أبي عُبيدة لِيُنجده ، فأمر ابوعبيدة ان تتجمع جيوش الشام عند بيت المقدس وسار هو ومعه خالد الي بيت المقدس ، وبدأت الجيوش تتجمع عند بيت المقدس.
لما علم الارطبون بالامر بدأ يفكر ان جيش واحد هزمه في اجنادين فكيف اذا اجتمعت اليه كل جيوش المسلمين في الشام فشاور كبار قادته وكبار الرهبان النصاري في بيت المقدس فقرروا تسليم القدس بالصلح حفاظا علي ارواحهم.
وراسلوا المسلمين وقالوا نريد تسليم المدينة ولكن لا نسلمها الي الي امير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فأرسلوا الي عمر يخبرونه فإستشار عمر وزرائه فأشار عليه علي بن ابي طالب بالخروج لفتح بيت المقدس ومشاهدة احوال الشام بنفسه والاطلاع علي جيوشه ، فوافق وخرج .
عين عمر علي بن ابي طالب خليفة له علي المدينة ، واتجه عُمر إلى بيت المقدس وأعطى أهلها الأمان على أنفسهم وأموالهم وبيوتهم وكنائسهم وأديرتهم وجميع دور عبادتهم، كما أعطاهم حُريَّة البقاء في المدينة أو الخُروج مع الروم إلى حيثُ يشاؤون ، ودخل عُمر وأصحابه إلى بيت المقدس بعد عقد الصُلح ، ورافقهم البطريرك صفرونيوس يدُلُّهم على آثارها وأماكن الحج فيها ، كما دلَّهم كعب الاحبار وهو يهوديٌّ أسلم  على موقع الصخرة المُقدَّسة التي عرج منها الرسول مُحمَّد إلى السماء وفق المُعتقد ، وكانت من شروط عمر الا يبقي في المدينة يهودي ، وأعطى عُمر النصارى الهعود بألَّا يُصلي المُسلمون على عتبات الكنائس جماعة، ولكن فُرادى وألَّا يدعوهم مؤذِّن لصلاة جماعة  كي لا يُنفر أهل المدينة من الدين الجديد، كما امتنع عن الصلاة في كنيسة القيامة كي لا يتخذها المُسلمون بعده مسجدًا، وصلّى مُنفردًا خارجها، وابتنى المُسلمون لاحقًا مسجدًا في الموضع الذي صلّى فيه عُمر.

طاعون عمواس السنة الثامنة عشر من الهجرة :

بدأ الطاعون في عمواس وهي قرية قرب بيت المقدس ثم انتشر في كامل بلاد الشام ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه في طريقه الي الشام فوصلته الاخبار بإنتشار المرض في الشام ، فشاور من كان معه في ان يواصلوا الي الشام ام يرجعوا الي المدينة ، فأشار عبد الرحمن بن عوف بالجوع واستدل بحديث النبي صلي الله عليه وسلم 《إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا فرارًا منه》 ، فرجع امير المؤمنين ومن معه الي المدينة.
من المرجح ان سبب المرض جثث الروم ، فكان المسلمين يدفنون شهدائهم ولكن كانت هناك عشرات الالاف من جثث الروم ملقاة علي ميادين المعارك لم تدفن لان جيوشهم المنهزمة دائما لم تجد الوقت لدفن موتاهم.
و هو بثر وورم مؤلم جدًا، يخرج مع لهب، ويسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة بنفسجية كدرة، ويحصل معه خفقان القلب والقيء، ويخرج في المراقّ والآباط، غالبًا، والأيدي والأصابع وسائر الجسد.
استمر الطاعون لمدة شهر ، وادي الي وفاة خمس وعشرين الف من المسلمين وقيل ثلاثين الف ، بما فيهم جماعة من كبار صحابة النبي صلي الله عليه وسلم فيهم ابوعبيدة وماذ بن جبل وابنه عبد الرحمن ، ويزيد بن ابي سفيان و ابوجندل بن سهيل ، وشرحبيل بن حسنة ، والفضل بن العباس رضي الله عنهم جميعا .
بعد وفاة ابوعبيدة رضي الله عنه تولي عمرو بن العاص امر الشام ، ففكر في حل لهذا الطاعون فطب في الناس ان هذا الطاعون ينتشر مثل النار وان النار اذا لم تجد ما تأكله خمدت ، فإنتشروا في الجبال في مجموعات صغيرة لاتزيد المحموعة عن خمسة افراد ، ولا تتقابلوا ولا تتلامسوا ، فنفذ اهل الشام الامر واستقروا في الجبال لفترة  ، فمات من كان مصاب ، وبعد فترة وجيزة توقف هذا الطاعون بفكرة هذا العبقري عمرو بن العاص رضي الله عنه فسر منه امير المؤمنين سرورا عظيما ومدحه علي انقاذ المسلمين في الشام.
وبعد انحسار طاعون عمواس وتوقف الوباء ،خرج عمر بن الخطاب من المدينة المنورة متجهًا نحو بلاد الشام عن طريق أيلة. فلمّا وصلها قسّم الأرزاق وسمّى الشواتي والصوائف وسدّ فروج الشام وثغورها، واستعمل عبد الله بن قيس  على السواحل ومعاوية بن ابي سفيان على جند دمشق وخراجها. ثم قسم ميراث الذين ماتوا، بعد أن حار أمراء الجند فيما لديهم من المواريث بسبب كثرة الموتى. وطابت قلوب المسلمين بقدومه رضي الله عنه.

فتح مصر عام واحد وعشرون من الهجرة :

بدأ عمرو بن العاص يزين لامير المؤمنين اهمية فتح مصر كونة تأمين للفتوح الاسلامية وحماية لظهور المسلمين من هجوم الروم ،ومكاسبه الاقتصادية ، وانها ستكون ضربة قاسية للروم وان قوة الروم بسبب مصر واخذها ستكون ضربة اقتصادية للروم ، وبين له انها ليس بها جيوش كثيرة للروم فلا يوجد بها جيش سوي بالاسكندرية ، واخذ يلح عليه الا ان قال له اذهب وجهز له جيش تعداده اربعة الف فقط وقال له سر حتي تأتيك الاخبار مني.
وسار عمرو حتي دخل مصر وامده امير المؤمنين بأربعة الف مقاتل اخرين علي راسهم المقداد والزبير ومحمد بن مسلمة و عبادة بن الصامت .
وكان يحكم مصر المقوقس عظيم القبط ،والقائد السامي من قبل الروم وهو الارطبون ، جهز المقوقس جيش بقيادة الجاثوليق والاسقف المصريين وارسله لصد المسلمين فتقابلوا مع جيش المسلمين عند باب مصر .
اصطف الجيشان وطلب عمرو التحدث مع قادة الجيش فتم لقاءه مع الجاثوليق والاسقف وهما راهبا مصر ، فحدثهم عن الاسلام وبعث النبي صلي الله عليه وسلم ، وخيرهم بين الاسلام اوالجزية او القتال ، وذكر لهم قول النبي صلي الله عليه وسلم 《ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لكم منهم ذمة ورحما》فتعجبوا عن هذا الرحم واخبرهم ان ابراهيم عليه السلام له زوجة من مصر اسمها هاجر وهي ام اسماعيل عليه السلام وهو ابو العرب ، فتعجبوا وقالوا هذا لايقوله الا نبي ، ثم قالوا له هاجر كانت ابنة ملكنا ، ثم قالوا امهلنا حتي نرجع اليك ، فأمهلهم اربعة ايام ، لان المقوقس ولكن الارطبون اصر علي قتال المسلمين وارسلوا جيش وهزم علي يد عمرو وفروا الي بلبيس.

فتح بلبيس :

في الطريق الي بلبيس فتح المسلمون الفرما و سنهور وتنيس ، وانضم له بعض البدو المقيمين علي صحراء مصر وكانوا كارهين لحكم الروم ،ولم يلق مقاومة جادة فب الطربق ثم وصل الي بلبيس وتم حصارها.
كان يتحصن في بلبيس الروم ، تم قتال الحامية شهرا كاملا تحت الحصار الا ان تم فتحها وهزم الروم ، واعطي الامان لاهلها.

فتح عين شمس(ام دنين) :

سار عمرو حتي وصل مدينة عين شمس وعسكر في قرية علي النيل اسمها ام دنين علي مقربة من مرفأ سفن يمثل ميناء قلب مصر .
تم حصار المدينة وقسم عمرو جُندهُ إلى ثلاث فرق، حتَّى يُوهم عدوَّهُ بِكثرة المُسلمين، وجعلها تُحارب في ميادين ثلاثة مع تركيزه على الهدف الرئيسي، فكان لِهذا صدىً في انتصاره. تمكَّن بعضُ الروم وقادتهم من الفرار إلى حصن بابليون، في حين هلك كثيرٌ منهم، وسُرعان ما ترك هؤلاء الناجين الحصن ولجأوا إلى مدينة نقيوس فرارًا من  المُسلمون، واعطي اهلها الامان وعاملهم بعدل ، ثم تقدم المسلمين نحو حص بابليون وهو اعظم حصون مصر واستمر حصاره سبعة اشهر ، الا ان قذف الزبير داخل الحصن من فوق السور واستطاع ان يفتح الباب وتم فتح حصن بابليون وكان يعني سقوط خط دفاع مصر وصار الطريق مفتوح نحو الاسكندرية.
 

استمرت الفتوحات في مصر ، و في هذه الاثناء توفي هرقل وحدث نزاع علي العرش من بعده فساءت احوال القسطنطينية وحدث ضعف بالامبراطورية ، فلم يرسلوا اي مدد الي مصر.




تعليقات