القائمة الرئيسية

الصفحات

 

رسائل الرسول الي الملوك لدعوتهم للإسلام

ظهور فوائد صلح الحديبية :

بعد الصلح تفرغ المسلمون للدعوة وبدأ اعداد المسلمين يزيد بصورة كبيرة ، وتفرغ المسلمين ليهود خيرب والصلح يمنع حلفائهم قريش من مساعدتهم فقضي المسلمون علي معقل اليهود خيبر ، 
كذلك كانت هنالك محموعة من المسلمين الذين لم يستطيعوا الذهاب الي المدينة بسبب بند الصلح فأقاموا خارح مكة واصبحوا يهاجموا قوافل مكة ، وصاروا يزيدون حتي بلغوا ثلاثمائة رجل ، اطبقوا علي مكة ولم تعد لها قافلة تمر حتي جاعت مكة ، وكلما ارسلوا جيش لمواجهتم لم يجدوهم فقالوا نقاتل اشباح فارسلوا الي الرسول صلي الله عليه وسلم ، وقالوا اهذل الصلح الذي بيننا ، فقال لهم هذا ليس شأني انا التزمت بالبند ولم ادخلهم عهدي في المدينة ، ثم ارسلوا اليه يستحلفونه بالرحم اسقط هذا الشرط عنا وادخلهم للمدينة، فوافق عليه الصلاة والسلام وسقط البند الذي كان يظنه الكفار لصالحهم ولكنه ضيق عليهم عيشهم.

فتح خيبر :

دعاء صلي الله عليه سلم المسلمين بالاستعداد لفتح خيبر وان الله وعده النصر ، وامر الا يخرج معه الا اهل الحديبية ، فهو لا يريد المنافقين وضعاف النفوس ، اصر المنافقين مدين انهم يريدون الجهاد والشهادة ، فقال صلي الله عليه وسلم من اراد الخروج غير اهل الحديبية فليخرج ولكن ليس له غنائم ،فلم يخرج منهم احد.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بروح إيمانية عالية، مخلصين لله موقنين بالنصر، مستبشرين بالغنيمة التي وعدهم الله إياها وهم في طريق عودتهم من الحديبية.
ونزل الجيش بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم بواد يُقال له الرجيع ولما أشرف الجيش الإسلامي على خيبر، وقف النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويستنصره، فقال: "اللهم رب السماوات السبع وما أظلَلْن، ورب الأرَضين السبع وما أقلَلْن، ورب الرياح وما ذرين، ورب الشياطين وما أضللن، نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها".
فوصلوا باليل وخيموا فلما اصبحت خرج اليهود فرأوا المسلمين فروا فزعين واغلقوا حصونهم ، كانت حصون خيبر منيعة وصامدة ولدي اليهود طعام يكفيهم فلن يستسلموا .
اعطي عليه الصلاة والسلام الراية لعلي وقال له : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، واخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حُمْر النعم

وفتح الله على رسوله أول الحصون حصن ناعم، ثم فتح بعده حصن القَموص، ثم جعل النبي صلى الله عليه وسلم يفتح حصون خيبر واحدًا تلو الآخر، وكلما فتح حصنًا يهرب شراذم اليهود إلى الحصن الذي يليه، حتى انتهى إلى آخر حصونهم: الوَطِيح والسُلاَلم، فحاصرهم حصارًا شديدًا، حتى إذا أيقنوا بالهلكة ورأوا أن الدائرة عليهم، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم وأن يسيِّرهم ففعل.

ثم سألوه أن يبقيهم على زراعة أرض خيبر مقابل نصف ما يخرج من ثمارها فأعطاهم ذلك، علي ان يخرجهم متي شاء.

كان من ضمن السبي صفيه بنت حيي بن اخطب ، وكانت للرسول ، فأسلمت فأعتقها ثم تزوجها صلي الله عليه وسلم.

عمرة القضاء السابع هجريا :

امر صلي الله عليه من كان معه في الحديبية بالخروج معه لاداء العمرة ، ومن كان يريد الخروج معهم ليخرج ، فخرج صلي الله عليه وسلم ومعه الفين ، وامرهم عليه الصلاة والسلام بحمل السلاح علي الابل ، وترك مائتين رجل خارج مكة ومعهم السلاح ، وكان يبدلهم ليعتمروا ، وخرج اهل مكة للجبال .
دخل المسلمين مهللين ومكبرين ويلبون تلبية الاسلام ، والرسول صلي الله عليه وسلم والمهاجرين اول مرة الان يدخلوا مكة منذ سبعة سنين فكانوا فرحين جدا بهذة العمرة .
بعد ثلاث ايام انتهي المسلمون من العمرة وخرجوا من مكة حسب الاتفاق .
في بداية السنة الثامنة للهجرة اقبل علي المدينة خالد بن الوليد وعمرو بن العاص و عثمان بن طلحة مهاجرين ومسلمين ، فلما رأهم صلي الله عليه وسلم قال ، لقد رمتكم مكة بفلذات اكبادها.
ثم جاء وفد من بني خزاعة يعلنون اسلامهم واخبراوا ان معظم خزاعة علي الاسلام الان.

دعوة الملوك الي الاسلام :

بعد عمرة القضاء ارسل صلي الله عليه وسلم الرسل للملوك يدعوهم للاسلام ، وصادف ان هرقل كان في الشام لما جاءه الكتاب فقال لجنوده آتوني برجال من قومه ، وكان ابو سفيان وجماعة من قريش في الشام في تجارة لهم ، فأحضروهم الي هرقل . 
يروي ابو سفيان ، دخلنا علي هرقل ودعا بترجمانه فقال: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا فقال: أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم، قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل؟ فيه قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة، قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه، قال ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول فذكرت أن لا فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله، وسألتك هل كان من آبائه من ملك فذكرت أن لا قلت: فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون فذكرت أنهم يزيدون وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه فذكرت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب، وسألتك هل يغدر فذكرت أن لا وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بما يأمركم فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى.
اما امير دمش فغضب من رسالة النبي صلي الله عليه وسلم وبدأ يعد العدة للهجوم علي المدينة، وقتل الغساسنة رسول النبي صلي الله عليه وسلم.
اما المقوقس عظيم القبط فارسل الي النبي صلي الله عليه وسلم الهدايا من ضمنهم ماريا القبطية التي تزوجها صلي الله عليه وسلم .
اما النجاشي رد ردا طيبا وهنالك اختلاف بين العلماء هل هو النجاشي الذي هاجر اليه الصحابة من مكة ام هو نجاشي اخر.
اما كسري فقد مزق الرسالة دون ان يكملها وارسل الي باذان ملك اليمن التابع لفارس وقال له إتني بهذا الرجل الذي يدعي انه نبي.
فأرسل باذان رجلان للنبي ليسلم نفسه الي كسري لما وصلا الي النبي صلي الله عليه وسلم قال لهم سأرد عليكم بالمساء ، جاء المساء واتي الرجلان فقال لهما عليه الصلاة والسلام قولا لباذان ان كسري قد قتله ابنه اليوم ، تعجب الرجلان وقالا له ان كان قد قتل اليوم فكيف عرفت والخبر يأخذ شهر حتي يصل من بلاد فارس ، فقال لهما ان الله اخبرني.
عاد الرجلان الي باذان واخبراه بالامر فتعجب وقال ننتظر ، بعد فترة جاءت الاخبار ان شيراويه بن كسري قد قتل اباه في تلك الليلة التي اخبر بها صلي الله عليه وسلم ، فاسلم باذان واسلم كل الفرس الذين في اليمن واصبحت اليمن تابعة للمسلمين.
اما ملك البحرين عندما جاءه كتاب الرسول صلي الله عليه وسلم ، بدأ يسأل عن الامر وعن دين الاسلام وعلم ان معظم القبائل العربية قد خضعت واسلمت واسلم النجاشي واسلم باذان ملك اليمن ، فاسلم ملك البحرين ودعي قومه للاسلام فاسلم بعضهم وبقي البعض علي المجوسية واليهودية ففرض الجزية علي غير المسلمين واصبحت البحرين تابعة للمسلمين.
اما ملك اليمامة لما علم ان الاسلام قد بدأ يظهر فاظهر انه يقبل الاسلام ويسلم قومه معه فقال للرسول الذي ارسله النبي صلي الله عليه وسلم اخبره اني اقبل الاسلام علي ان يكون الامر لي من بعده ، فقال النبي لعنه الله لقد طمع بالدنيا اللهم اكفني فمات ملك اليمامة بعد ثلاث ايام.
اما عمان فقد اسلم ملكيها ودخل اهل عمان في الاسلام واصبحت تابعة للمسلمين.

معركة مؤتة الثامن من الهجرة :

ارسل النبي صلي الله عليه وسلم سرية دعاة مكونة من اربعة عشر رجل للدعوة الي الاسلام ، فساروا ستمائة ميل وهم يدعون للاسلام حتي وصلوا الي حدود الشام ، فهجم عليه الغساسنة وقتلوهم جميعا الا جريح واحد فعاد للنبي صلي الله عليه وسلم واخبره بالامر ، فدعي صلي الله عليه وسلم للجهاد ضد الغساسنة وكانت الغساسنة قبيلة كبيرة وحلفاء للروم لذلك دعي النبي كل مسلم يستطيع للخروج لحرب الغساسنة ، فأجتمع للنبي صلي الله عليه وسلم ثلاث الف مقاتل.
عين صلي الله عليه وسلم قادة الجيش فقال يرأس الجيش زيد بن حارثة فأن اصيب فجعفر بن ابي طالب فأن اصيب فعبد الله بن رواحة وتحرك الجيش في صباح يوم الجمعة .
لما علم غسان بالامر ارسل لهرقل للحلف الذي بينهم فأرسل هرقل مائة الف مقاتل وكان لغسان مائة الف مقاتل فتجمع له مئتا الف مقاتل ، لما وصل جيش المسلمين الي منطقة معان وصلتهم الاخبار ان جيش الغساسنة مئتا الف فجمع زيد بن حارثة امراء الجيش يشاورهم في الامر فلم يكونوا يظنون  لقاء مثل هذا الجيش العرمرم ـ الذي بوغتوا به في هذه الأرض البعيدة ـ وهل يهجم جيش صغير قوامه ثلاثة آلاف مقاتل فحسب على جيش كبير عرمرم قوامه مائتا ألف مقاتل حار المسلمون، وأقاموا في مَعَان ليلتين يفكرون في أمرهم، وينظرون ويتشاورون، ثم قالوا: نكتب إلى رسول الله، فنخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له. ولكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأي، وشجع الناس، قائلاً: يا قوم والله إن التي تكرهون لَلَّتِي خرجتم تطلبون، الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة. وأخيراً استقر الرأي على ما دعا إليه عبد الله بن رواحة.
فسار المسلمون حتي وصلوا قرية مؤتة وعسكروا في داخلها حتي لا يباغتهم العدو وهم بالعراء.
التقي الجيشان في مؤتة أخذ الراية زيد بن حارثة وجعل يقاتل بضراوة بالغة، فلم يزل يقاتل حتى شاط في رماح القوم، وخر صريعاً. وحينئذ أخذ الراية جعفر بن ابي طالب وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير، حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه الشقراء فعقرها، ثم قاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بشماله، ولم يزل بها حتى قطعت شماله، فاحتضنها بعضديه، فلم يزل رافعاً إياها حتى قتل ، فأخذ الراية عبد الله بن رواحة وتقدم بها وهو على فرسه، ثم نزل وقاتل بضراوة حتي قتل ، تقدم ثابت بن اقرم فأخذ الراية وقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت. قال: ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد .
وكان مستغرباً جداً أن ينجح هذا الجيش الصغير في الصمود أمام ذلك الجيش الكبير من الروم، ففي ذلك الوقت أظهر خالد بن الوليد مهارته في تخليص المسلمين مما لقوه في تلك المعركة.
فلما أصبح اليوم الثاني اعتمد خالد بن الوليد في خطته على الحرب النفسية حيث أمر عددا من الفرسان بإثارة الغبار خلف الجيش، و أن تعلو أصواتهم بالتكبير والتهليل و قام كذلك بتبديل الرايات وغير أوضاع الجيش، وعبأه من جديد، فجعل مقدمته ساقة، وميمنته ميسرة، وهكذا دواليك، فلما رآهم الأعداء أنكروا حالهم، وقالوا: جاءهم مدد، فرعبوا، وسار خالد ـ بعد أن تراءى الجيشان وهجم على الروم وقاتل حتى وصلوا إلى خيمة قائد الروم ثم أمر خالد بانسحاب الجيش بطريقة منظمة ـ وأخذ يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً، مع حفظ نظام جيشه، ولم يتبعهم الرومان ظناً منهم أن المسلمين يخدعونهم، ويحاولون القيام بمكيدة ترمي بهم في الصحراء ولم يتبعوا خالدا في انسحابه. وهكذا انحاز العدو إلى بلاده، ولم يفكر في القيام بمطاردة المسلمين ونجح المسلمون في الانحياز سالمين، حتى عادوا إلى المدينة.

استشهد يوم مؤتة  من المسلمين اثنا عشر رجلاً، أما الرومان فقتل منهم ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسون رجل.

فتح مكة رمضان الثامن من الهجرة :

قام بني بكر حلفاء قريش بمساعدة بعض من سادات قريش بالغدر بمجموعة من خزاعة حلفاء المسلمين وهاجموهم وقتلوهم عند الحرم ، وكان هذا نقض واضح لصلح الحديبية ، فتجمع سادات خزاعة وارسلوا عمر بن سالم للرسول صلي الله عليه وسلم يعلمونه بالامر فسار الي المدينة بسرعة واخبر النبي صلي الله عليه وسلم بالامر ، فغضب  عليه الصلاة والسلام من غدرهم بالمسلمين وبالحرم ، وقال  نصرت يا عمر .
في مكة اجتمع سادات قريش في دار الندوة وهم يتشاورون في الامر فهم خائفون  ويعلمون انهم الان لا طاقة لهم بقتال المسلمون فقال ابو سفيان نذهب الي محمد ونجدد الصلح ونزيد في المدة قبل ان تخبره خزاعة بالامر ، فقالوا له قم انت.
تحرك ابو سفيان في طريقه للمدينة قابل وفد خزاعة القادم من المدينة فعلم انهم اخبروا النبي صلي الله عليه وسلم بالامر .

وقدم أبو سفيان المدينة، فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه، فقال‏:‏ يا بنية، أرغبت بي عن هذا الفراش، أم رغبت به عني‏؟‏ قالت‏:‏ بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك نجس‏.‏ فقال‏:‏ والله لقد أصابك بعدي شر‏ ، ثم خرج حتى أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه، فلم يرد عليه شيئاً، ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ ما أنا بفاعل‏.‏ ثم أتي عمر بن الخطاب فكلمه، فقال‏:‏ أأنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ فوالله لو لم أجد إلا الذَّرَّ لجاهدتكم به، ثم جاء فدخل على على بن أبي طالب، وعنده فاطمة، وحسن، غلام يدب بين يديهما، فقال‏:‏ يا علي، إنك أمس القوم بي رحماً، وإني قد جئت في حاجة، فلا أرجعن كما جئت خائباً، اشفع لي إلى محمد، فقال‏:‏ ويحك يا أبا سفيان، لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه‏.‏ فالتفت إلى فاطمة، فقال‏:‏ هل لك أن تأمري ابنك هذا فيجير بين الناس، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر‏‏ قالت‏:‏ والله ما يبلغ ابني ذاك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وحيئذ أظلمت الدنيا أمام عيني أبي سفيان، فقال لعلى بن أبي طالب في هلع وانزعاج ويأس وقنوط‏:‏ يا أبا الحسن، إني أري الأمور قد اشتدت علي، فانصحني، قال‏:‏ والله ما أعلم لك شيئاً يغني عنك‏.‏ ولكنك سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس، ثم الْحَقْ بأرضك‏.‏ قال‏:‏ أو تري ذلك مغنياً عني شيئاً‏‏ قال‏:‏ لا والله ما أظنه، ولكني لم أجد لك غير ذلك‏.‏ فقام أبو سفيان في المسجد، فقال‏:‏ أيها الناس، إني قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره، وانطلق‏ ، ولما قدم على قريش، قالوا‏:‏ ما وراءك‏ قال‏:‏ جئت محمداً فكلمته، فوالله ما رد على شيئاً، ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيراً، ثم جئت عمر بن الخطاب، فوجدته أدني العدو، ثم جئت علياً فوجدته ألين القوم، قد أشار على بشيء صنعته، فوالله ما أدري هل يغني عني شيئاً أم لا‏؟‏ قالوا‏:‏ وبم أمرك‏‏ قال‏:‏ أمرني أن أجير بين الناس، ففعلت، قالوا‏:‏ فهل أجاز ذلك محمد‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قالوا‏:‏ ويلك، إن زاد الرجل على أن لعب بك‏.‏ قال‏:‏ لا والله ما وجدت غير ذلك‏.‏

بعدها قام الرسول بتجهيز الجيش للخروج إلى مكة فحضرت جموع كبيرة من قبائل جهينة وبني غفار ومزينة واسد وقيس وبني سليم والمهاجرين والانصار . و دعى الرسول صلي الله عليه وسلم قائلا: ‏اللّهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها .

في رمضان تحرك الرسول صلي الله عليه وسلم ومعه عشرة الف مقاتل نحو مكة وصلوا "مر الظهران" قريباً من مكة، فنصبوا خيامهم، وأشعلوا عشرة آلاف شعلة نار. فأضاء الوادي. ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبد المطلب  وكان قد خرج بأهله وعياله مسلماً مهاجراً. وركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، يبحث عن أحد يبلغ قريشاً لكي تطلب الأمان من رسول الله قبل أن يدخل مكة.

اتي ابو سفيان للقاء الرسول صلي الله عليه وسلم وطلب الامان فأعطاه صلي الله عليه وسلم الامان، أراد الرسول أن يري أبا سفيانٍ قوة المسلمين، فحبسه عند مضيق الجبل. ومرت القبائل على راياتها، ثم مر رسول الله في كتيبته الخضراء. فقال أبو سفيان : ما لأحدٍ بهؤلاء من قبل ولا طاقة ، ثم رجع أبو سفيانٍ مسرعاً إلى مكة، ونادى بأعلى صوته: " يا معشر قريش، هذا محمدٌ قد جاءكم فيما لا قبل لكم به. فمن دخل داري فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن". فهرع الناس إلى دورهم وإلى المسجد. وأغلقوا الأبواب عليهم وهم ينظرون من شقوقها وثقوبها إلى جيش المسلمين، وقد دخل مرفوع الجباه. ودخل جيش المسلمين مكة في صباح يوم الجمعة الموافق عشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة.

دخل الجيش الإسلامي كل حسب موضعه ومهامه من جميع مداخل مكة ، وانهزم من أراد المقاومة من قريش، ثم دخل عليه الصلاة والسلام الي الكعبة وطاف بها ، بعد الطواف بالكعبة أمر بتحطيم الأصنام المصفوفة حولها وكان عددها ثلاثمائة وستون صنماً مثبتة ، فجعل يطعنها ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً}.

ثم خرج وقريش صفوفاً ينتظرون ما يصنع، فقال: (يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟) قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: (فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه: {لا تثريب عليكم اليوم} اذهبوا فأنتم الطلقاء) ، ثم أمر بلالاً أن يصعد الكعبة ليؤذن.

خاف الانصار بعد الفتح من إقامة الرسول بمكة ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام معاذ الله، المحيا محياكم، والممات مماتكم.

وفي اليوم الثاني قام رسول الله، وألقى خطبته وفيها : (إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض ، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة، لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحلل لي قط إلا ساعة من الدهر، لا ينفر صيدها، ولا يعضد شوكها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد).

بايع الناس رسول الله، فقد جلس الرسول عند قَرْنِ مَسْقَلة فجاءه الناس الصغار والكبار، والرجال والنساء، فبايعوه على الاسلام ، وشهادة أن لا إله إلا الله ، لما فرغ النبي من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء وهو على الصفا،وعمر بن الخطاب قاعد أسفل منه، فبايعهن عنه، وبايعهن على أن لا يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقن، ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصينه في معروف.

أمن النبي يوم فتح مكة كل من دخل المسجد أو أغلق عليه بابه، إلا جماعة أمر بقتلهم ولو وجدوا متعلقين بأستار الكعبة ، لانهم قاتلوا عند دخول مكة ، بعد ذلك قتل منهم ومنهم من امنهم مسلمون فدخلوا في الاسلام .




تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. كما وعد الله (إذا جاء نصر الله والفتح)

    ردحذف

إرسال تعليق