القائمة الرئيسية

الصفحات

 

غزوة بدر الكبري بعد الهجرة


هجرته صلي الله عليه وسلم :
لما اطمئن النبي صلي الله عليه وسلم ان كل من يستطيع الهجرة من المسلمين قد هاجر ، جاءه الامر بالهجرة.
في هذه الاثناء قريش احست بالخطر المسلمون الان اصبح لديهم مدينة وقد يقاتلونهم وينازعونهم علي مكة ، فدعي ابو جهل سادات مكة في دار الندوة وطلب الايدي بني عبد المطلب ولا بني هاشم ، ولا من بني عبد مناف ، ولا احد ممن يقرب اليهم ، ولا احد ممن يقرب لاهل يثرب ، فتجمعوا هذا الاجتماع الخبيث يتشاورون ماذا يفعلوا لمحمد ، وكل يعطي رايه ، فقالوا نسجنه ،  وقالوا ننفيه خارج الجزيرة ، حتي قال ابو جهل الراي عندي نأخذ من كل قبيلة شابا فتيا ونعطيه سيف فيضربون محمد ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل ، فلا يستطيع بني عبد مناف ان يقاتلونا جميعا فيقبلوا بالدية .
في هذه الاثناء كان صلي الله عليه وسلم يستعد للهجره في بيته ومعه علي بن ابي طالب وكان عنده امانات الناس (كان الناس اذا ارادوا سفر او ارادوا حفظ اشياء ثمينه ، يتركونها عند شخص يثقون به ويكون امينا ، وكان تقريبا كل اهل مكة يتركون اماناتهم عنده صلي الله عليه وسلم حتي اعدائه من الكفار ، فهم يثقون في امانته) فأخذ عليه الصلاة والسلام يعرف علي بن ابي طالب بهذه الامانات حتي يردها لاصحابها وطلب منه ان ينام في فراشه هذه الليلة .
لما اتي المساء تجمع هؤلاء الفتيان حول بيت النبي صلي الله عليه وسلم وتحدثوا وقالوا والله لو عرفت العرب اننا نقتحم البيوت علي نسائنا ليكون عار الدهر ، فدعونا ننتظر حتي يخرج محمد فنقتله ، فأنتظروا عند الباب.
في الليل ترك النبي عليه الصلاة والسلام علي في فراشه ، وفتح الباب وخرج وهو يقرأ 《س (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9)》 فخرج من بينهم وهم لا يرونه، وكان يأخذ التراب من الارض ويضعها علي رؤوسهم وهم لا يرون شئ.
ذهب عليه الصلاة والسلام الي منزل ابوبكر ، وقال له يا ابوبكر قد اذن لي بالهجرة ، فقال ابوبكر الصحبة يا رسول الله، فقال له الصحبة يا ابوبكر ، فبكي ابوبكر بكاء شديدا ، فخرج عليه الصلاة والسلام مع ابوبكر من الباب الخلفي وتوجها نحو الجنوب ، وكان لابي بكر مولي امره ان يتبعهما بالغنم (المدينة في اتجاه الشمال ، لكن لمزيد من التمويه و الاخفاء، والغنم حتي تخفي الاثار) حتي وصلوا الي غار ثور جنوب مكة ، ودخلا الي الغار.
في الصباح الفتية الذين خارج بيته صلي الله عليه وسلم تسألوا لم لم يخرج محمد بعد وكان من عاداته انه يخرج عند الفجر ثم انتبهوا ان هناك تراب علي رؤوسهم فتسور احدهم ثم قال لهم انه مازال نائما(كان علي رضي الله عنه في فراشه صلي الله عليه وسلم ، لذلك يقال له اول فدائي في الاسلام) ثم ما انتظروا فضربوا الباب واقتحموا البيت فكشف علي عن نفسه فتعجبوا وقالوا اين محمد قال لهم ليس هنا، فبحثوا فما وجدوه ، وانتشر الخبر في مكة ان محمد قد هاجر.

اعلن سادات قريش ان من يأتي بمحمد له مئة ناقة ، فبدأ اهل مكة البحث والتقصي ، حتي ان جماعة وصلوا الي غار ثور وكانوا قريبين جدا، فقال ابوبكر رضي الله عنه : يا رسول الله لو نظروا تحت اقدامهم لرأونا ، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ هؤلاء الجماعة تحدثوا عند القار وذهبوا ولم ينظر احدهم داخل الغار ، بحث اهل مكة لثلاث ايام ولم يجدوا اثر فهدأ البحث ، في اليوم الثالث خرج عليه الصلاة والسلام مع ابوبكر في طريق مكة ، وكان هنالك جماعة جالسون في الطريق مروا عليهم فعرفهم سراقة بن مالك وذهب الي بيته فلبس لباس الحرب واخذ فرسه ولحق بهم ، عندما اقترب منهم علق الفرس بالارض واسقطه ، فتعجب سراقة كيف فرس يعلق في ارض صلبة ثم انه كان ماهر في ركوب الخيل اول مرة يسقط من فرس ، ثم لحقهم مرة اخري فلما اقترب علق الفرس واسقطه مره اخري ، فعرف سراقة انه ممنوع فخاف فقال : الامان الامان يا محمد ، فالتفت اليه النبي عليه الصلاة والسلام وقال من انت ، فقال انا سراقة بن مالك ، فقال كيف انت يا سراقة وفي يديك سواري كسري ، فطلب سراقة كتاب من الرسول صلي الله عليه وسلم ، فكتب له ابوبكر ان له الامان من المسلمين بشرط ان يكتم خبرهم.
في الطريق مر عليه الصلاة والسلام بإمراة تسمي ام معبد كانت من العرب الرحل ، عندما وصلوا اليها لم يكن زوجها موجود ، فسألها ابوبكر الديك طعام الديك حليب ، فقالت لو كان لدينا من شئ ما احتجتما الي سؤال ، وكان لديها شاة لا تدر حليب ، فقال عليه الصلاة والسلام اتأذنين لي ان احلبها ، فقالت والله ما بها شئ ، وان شئت احلبها ، فحلبها عليه الصلاة والسلام حتي ملاء الاناء ، فشرب حتي شبع ، وشرب ابوبكر حتي شبع ، وشربت ام معبد حتي شبعت ، وترك عندها حليب ملاء كل اوانيها ، وهي تنظر وتتعجب ثم ذهبوا.

وصف ام معبد للنبي صلي الله عليه وسلم :

جاء ابو معبد فوجد الحليب فتعجب فسأل عنه ام معبد فقالت جاءنا رجل مبارك وهذا من بركته فوصفته صلي الله عليه وسلم لزوجها فقالت : (ظاهِرَ الوَضَاءَةِ أَبلَجَ الوَجهِ، حَسَنَ الخَلقِº لَم تَعِبهُ تَجِلَّةٌ، ولَم تُزرِيهِ صعلةٌ، وَسِيمٌ، قَسِيمٌ، في عَينِهِ دَعَجٌ، وفي أَشفَارِهِ وَطفٌ، وفي صوتِه صَهلٌ، وفي عُنقِه سَطعٌ، وفي لِحيَتِهِ كَثَاثَةٌ، أَزَجٌّ أَقرَنُ، إن صمَتَ فَعَلَيه الوَقَارُ، وإن تَكَلَّم سماه وعَلَاهُ البَهَاءُ، أَجمَلُ النَّاسِ وأَبهَاهُ مِن بَعيدٍ,، وأَحسَنُه وأجملُه مِن قَريبٍ,، حُلوُ المًنطِقِ، فَصلاً لا نَزرَ ولا هَذرَ، كأنَّ منطقَه خَرَزَاتُ نَظمٍ, يَتَحَدَّرنَ، رَبعَةٌ، لا تَشنَؤهُ مِن طولٍ,، ولا تَقتَحِمُهُ عَينٌ مِن قِصَرٍ,، غُصنٌ بينَ غُصنَين، فهو أَنضَرُ الثلاثةِ مَنظَرًا، وأحسنُهم قَدرًا، له رُفَقَاءُ يَحُفٌّونَ بِهِ، إن قال سَمِعُوا لِقَولِه، وإن أمَر تَبَادَرُوا إلى أمرِه، مَحفُودٌ، مَحشُودٌ، لا عَابِسٌ ولا مُقتَصِدٌ) . (كانت ام معبد امراة زكية و فصيحة ، فكان هذا ابلغ وصف للرسول صلي الله عليه وسلم ، لم يصفه احد افضل منها ، حتي اصحابه ، وهي لم تراه الا مرة واحدة وهو عابر سبيل) .

وصوله صلي الله عليه وسلم للمدينة : 

كانت الاخبار قد وصلت للمدينة ان الرسول صلي الله عليه وسلم قد خرج في الطريق للمدينة ، و لكن لانه مكث ثلاث ايام ولانه سلك طريق غير معروف لم يكونوا يعلموا متي سيصل ، فكان المسلمون في المدينة يخرجون كل يوم بعد الفجر الي مشارف المدينة وينتظرون لاستقباله ، ومن كثرتهم كان حتي الكفار الذين لم يسلموا في المدينة يخرجون معهم بل حتي اليهود كانوا يخرجون معهم.
 وفي يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول في العام الاول من الهجرة ، جاء عليه الصلاة والسلام الي المدينة ومعه ابوبكر وكان هناك رجل يهودي صاعد فوق شجرة فرأهما فصاح يا اهل قيلة قد جاء جدكم ، فتجمع الناس وبدوأ ينشدون طلع البدر علينا ، واخذوا يتنازعون عليه فنزل عليه الصلاة والسلام بقباء وامر ببناء المسجد (فمسجد قباء هو اول مسجد بنئ في الاسلام)  اقام عليه الصلاة والسلام بقباء من يوم الاثنين الي الخميس وفي يوم الجمعة اتجه الي المدينة ، ادرتكه صلاة الجمعة في الطريق في ديار سالم بن عوف فأمر عليه الصلاة والسلام ان تقام الجمعة في ديار سالم بن عوف وخطب النبي صلي الله عليه وسلم بنفسه (كانت اول خطبة جمعة يخطبها عليه الصلاة والسلام ، في ديار سالم بن عوف) ،
ثم دخل عليه الصلاة والسلام الي المدينة فكان كلما مر علي حي يمسك سادات الحي الناقة ويقولون انزل عندنا يا رسول الله فيقول لهم عليه الصلاة والسلام اتركوها فأنها مأمورة ، فسارت الناقه لوحدها دون توجيه حتي وصلت لديار بني النجار و وصلت الي ارض فضاء ليتيمين وهناك بركت ، فسأل عليه الصلاة والسلام لمن هذه الارض فقالوا ليتيمن فقال اين وليهما فأتي ، فقال اريد ان اشتري هذه الارض منك ، فقال هي لك فقال لا فأشتراها ، وامر عليه الصلاة والسلام ببناء المسجد النبوي فيها (اكرم المساجد واطهر المساجد بعد البيت الحرام ، فهذا المكان بإختيار الله سبحانه وتعالي) بدأ العمل مباشرة بالبناء من اليوم الاول، واخي عليه الصلاة والسلام بين المهاجرين والانصار ، وسكن مع ابي ايوب الانصاري .
بعد ان استقام الامر جمع عليه الصلاة والسلام سادات المدينة واليهود ، وتم وضع قوانين المدينة منها المخاواة بين المهاجرين والانصار وانه لا احد يقوم بوضع عقود ومواثيق خارج المدينة غير النبي صلي الله عليه وسلم ، وان يرجع للاسلام عند الخصومات والحقوق ، وان لا يجار ويحمي احد من قريش و غيرهم من امور تاسيس الدولة .
بعد اربعة شهور جاء اهله صلي الله عليه وسلم واهل ابو بكر الصديق ، وكانت اسماء بنت ابي بكر حاملا فولدت فور وصولها وكان اول مولود ذكر يولد للمسلمين في المدينة وهو عبد الله بن الزبير ، وتزوج عليه الصلاة والسلام في هذه الفترة بالسيدة عائشة رضي الله عنها .
بعد ان استقر الامر في المدينة حدثت عدة مناوشات بين ثريا المسلمين وقوافل قريش التجارية ، ولكن لم يحدث قتال حقيقي ، وحدث صلح ومعاهدات مع عدة قبائل قرب المدينة.

غزوة بدر الكبري :

جاءت الاخبار للمدينة ان هنالك قافلة كبيرة وعظيمة لقريش قادمة من الشام يقودها ابي سفيان ، فأعلن عليه الصلاة والسلام انه خارج بنفسه ودعاء المسلمين علي التخير من يريد الخروج معه فلم يكن الامر فرض ، وخرج معه صلي الله عليه وسلم ثلاثمائة رجل يقصدون قافلة قريش ، علم ابو سفيان بالامر فأرسل الي قريش ان يغيثوه ويلحقوا تجارتهم وغير طريق القافلة الي طريق غير معروف ، فوصل الخبر الي قريش و استعد كل سادات  مكة للخروج ، فجهزوا جيش من تسعمائة وخمسون رجل بينما كان المسلمون ثلاثمائة واربعة عشر رجل ومعهم سبعين بعير وفرسين فقط فهم لم يكونوا مستعدين لحرب فكان هدفهم القافلة ، جاء الوحي للنبي صلي الله عليه وسلم بخبر خروج قريش ، فجمع عليه الصلاة والسلام الناس فقال : أشيروا علي أيها الناس فتكلم أبو بكر الصديق فقال وأحسن , ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، وكذلك المقداد بن عمرو، وهؤلاء القادة الثلاثة الذين كانوا من المهاجرين ،فقام  سعد بن معاذ، فقال : والله، لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال : «أجل»، قال سعد : فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله. فسر عليه الصلاة والسلام وتهلل وجه ثم قال لهم ابشروا فأن الله وعدني احدي الشوكتين (اي اما ننال من القافلة او ننال الجيش ، فلن نرجع خائبين) .
وصل جيش المسلمين الي بدر وردموا ابار المياه الا البئر الذي بقربهم فلم يجد المشركين ماء عند وصولهم للشرب ، اصطف الجيشان خرج من جيش المشركين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة و الوليد بن عتبة بن ربيعة للمبارزة فخرج اليهم حمزة بن عبد المطلب وعلي بن ابي طالب و عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب فتل المسلون الثلاثة الكفار وجرح عبيدة و اخذ للعلاج ثم مات متأثر بجرحه ، ثم اشتبك الجيشان وقاتل المسلمين قتال من يريد الموت والشهادة واستبسل المسلمون فهزمت قريش شر هزيمة خلال ساعتين فقط ، واستشهد من المسلمين اربعة عشر رجلا ثمانية من الانصار وستة من المهاجرين وقتل سبعون من الكفار و اسر سبعون ، وقتل ابو جهل وامية بن خلف وعتبة بن ربيعة وغيرهم من سادات قريش المعادين للاسلام ،
ثم امر عليه الصلاة والسلام برمي جثث الكفار في القليب ثم اتي الي القليب واخذ ينادي يا ابو جهل يا عتبة بن ربيعة واخذ يسميهم بابائم وقال هل وجدتم ما وعدكم ربي حقا ، فاني وجدت مل ودعدني ربي حقا، فقال عمر يا رسول الله اتكلم جيفا نتنه فقال له والله يا عمر انهم لاسمع بي منك ، وكانت معركة بدر انتصار معنوي وقوية شوكة المسلمين في المدينة وما جاورها.

تعليقات