القائمة الرئيسية

الصفحات

المصطفي عليه الصلاة والسلام
سيرته الشريفة صلي الله عليه وسلم

الامر بتبليغ الرسالة :



بعد ان نزلت ايات اقرأ فتر الوحي و انقطع في ارجح الروايات ان فترة انقطاعه كانت ستة اشهر وفي خلال هذه الاشهر مات ورقة بن نوفل ، النبي عليه الصلاة والسلام في الفترة الاولي كان يشعر بالخوف والذعر و لكن في فترة انقطاع الوحي بدأ يشعر بالاشتياق حتي انه كان يخرج للصحراء وينظر جبريل حتي يأتيه ، وهذه الحكمة من انقطاع الوحي (فبعد ما كان فزعا صار يخرج وينتظر ان يأتيه جبريل) .

وفي ليلة مبارك كان النبي صلي الله عليه وسلم في فراشة متغطي فجاءه جبريل عليه السلام  بالرسالة 《يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) 》فهذا الامر بالرسالة ، وتتابع الوحي باستمرار فجاءته 《 يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا 》 وهنا اؤمر بالعبادة ، وجاته 《والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى》 اي ان هذا الانقطاع لم يكن توديعا من الله لك ولم يكن هجرانا ، وتتابعت الايات.

لما امر النبي عليه الصلاة والسلام بتبليغ الرسالة كان اول من اخبره زوجته خديجة رضي الله عنها فما ترددت لحظة واسلمت فكانت اول من اسلم ، ثم اسلم بعدها زيد بن الحارث وكان خادم النبي صلي الله عليه وسلم ، وعرض عليه الاسلام فأسلم ، والثالث الذي كان في بيت النبي هو علي بن ابي طالب (كان ابي طالب فقيرا وكان كثير الابناء فأخذ ابناء عبد المطلب من ابناءه يربونهم عندهم لمساعدته وتربي علي مع النبي صلي الله عليه وسلم) وهذا من فضل الله عليه ان تربي مع الرسول فلم يسجد لصنم قط فأسلم علي ايضا ، كذلك اسلمت بناته صلي الله عليه وسلم ام كلثوم ورقية وزينب و فاطمة فأسلم اهل بيته عليه الصلاة والسلام ، ثم كان اول من دعاء من خارج بيته صلي الله عليه وسلم هو ابوبكر الصديق قال عنه صلي الله عليه وسلم 《ماعرضت الاسلام علي أحد إلا كانت له كبوة ، إلا أبو بكر، فإنه لم يتلعثم في قوله》 فكان صديقا من الوهلة الاولي ، ثم ذهب ابوبكر الصديق الي عثمان بن عفان فأسلم عثمان، ثم ذهب الي الزبير بن العوام فأسلم الزبير ، ثم عرض الإسلام علي سعد بن ابي وقاص فأسلم سعد ، وعرض الاسلام علي عبد الرحمن بن عوف فأسلم عبد الرحمن، ثم عرضه علي طلحة بن عبيد الله ، فأسلم طلحة ، لذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم فيه لو وزن ايمان الامة بايمان ابو بكر لرجح ايمان ابو بكر.

الامر باعلان الدعوة :

فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين》 هنا امر النبي عليه الصلاة والسلام باعلان الدعوة، فصعد عليه الصلاة والسلام في صباح  ذات يوم علي جبل ابو قبيس وكان قريب جدا من الكعبة وقريب من نوادي قريش، فنادي عليه الصلاة والسلام فتجمع اهل مكة فقال عليه الصلاة والسلام  لو أخبَرْتُكم أنَّ خَيلًا بسَفْحِ هذا الجبلِ تُريدُ أنْ تُغِيرَ عليكم أصدَّقْتُموني ، قالوا نعم ما عهدنا عليك كذب، قال : فأني نبي لكم بين يدي عذاب اليم وبدأ يخبرهم انه رسول الله ، فقال عمه عبد العزى تبا لك الهذا جمعتنا ، فأنصرف الناس ، فنزلت فيه 《بَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)》.
النبي صلي الله عليه وسلم استمر في دعوته،  وامر انذر عشيرتك الاولين فجمعهم علي طعام وخطب فيهم ثم حدثهم افرادا ، ثم بدأ يحدث الناس في الاسواق والنوادي، بدأ يسلم الضعفاء والعبيد والفقراء من الناس ، فأسلم ياسر وزوجته سمية وابنه عمار ، واسلم خباب بن الارت ، وبلال بن رباح ، وصهيب الرومي، وعامر بن فهيرة ، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنهم ، وهكذا بدأ مجموعة من الصحابة في الدخول للاسلام لكنهم كانوا من الضعفاء ولم يكن لهم عصبة لذلك كانوا يجتمعون مع النبي عليه الصلاة والسلام في دار الارقم بالسر ليتعلمون الاسلام ويتلو عليهم الايات الجديدة.

قريش تحارب الدعوة :

لما اشتد الامر علي قريش وبدأ الناس يسلمون (صحيح انه في بادئ الامر كان اكثر من يسلم من ضعاف الناس ، لكنهم بدأوا يكثرون) فوجدوا ان اساس حماية النبي صلي الله عليه وسلم هي من عمه ابو طالب فذهبوا اليه ، وقالوا له ان ابن اخيك يسفه اباؤنا والهتنا ، فاتركه لنا او امنعه ، فقال لهم هذا ابن اخي فلا يمسه احدكم بسوء.
لم يستطع اهل قريش الصبر فجاءوا الي عمه مره اخره وقالوا يا أبا طالب إن لك سنًا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا مِنْ شتم ابائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفّه عنّا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين، واخبروه انه لو يريد ملكا اعطيناه اومالا اعطيناه ، فامنع ابن اخيك ، فجمع ابو طالب بني هاشم ونادي النبي عليه الصلاة والسلام واخبره بأمر قريش ، فقال عليه الصلاة والسلام (يا عمّ، والله لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته) ، فقال له عمه قل ما شئت والله لا نسلمك ابدا ، فأخذ النبي ينشر الدعوة في الجموع والحجيج وعند الكعبة.
 عندها لم تصبر قريش ، فقالوا دعونا نناقش محمد ، فأرسلوا له الوليد بن المغيرة ، فذهب الي النبي صلي الله عليه وسلم فجلس اليه ، وقال يامحمد ماهذا الذي جئت به فرقت قومنا وسفهت اباؤنا وسببت الهتنا، فان كان هذا الامر من اجل المال نجمع لك من المال حتي تكون الاغني فينا، وان كنت تريد الشرف سودناك علينا ، وان كنت تريد الملك جعلناك ملكا علينا ، وان كنت تريد النساء زوجناك م تشاء من نسائنا ، فلما انتهي قال له النبي عليه الصلاة والسلام افرغت ؟ قال نعم ، قال فاسمع فقرأ عليه الصلاة والسلام ايات فصلت 《حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)》 الي ان وصل الي قوله 《فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13)》 وهنا فزع الوليد فزعا شديد وقال ناشدتك الله والرحم (الخوف من ان تنزل عليهم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فاكمل عليه الصلاة والسلام الي ان وصل الي السجدة فسجد ثم قام وقال هذا ما عندي، فدهش الوليد من القرآن وبلاغته وفصاحته ، وعاد الي قريش في دار الندوة ، فسألوه فقال سمعت كلاما والله ما سمعت مثله قط والله إنَّ له لحلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنَّ أعلاه لَمُثمِر، وإنَّ أسفَلهُ لَمُغدِق، وإنّه يعلو ولا يُعلى عليه” فقالوا له يا ابا الوليد اصبأت قال لا والله ما صبأت لكنه كلام لم اسمع مثله قط ، فكان قد عرف انه حق وتبين له انه كلام الله ولكنه لم يسلم فأستحق العقاب.
زاد الاذي علي النبي عليه الصلاة والسلام فبداؤا يسبونه ويضايقونه وفي مره اجتمعوا عليه وضربوه عليه الصلاة والسلام وكان حليما صبورا لايرد علي احد ، وفي احد الايام كان النبي عليه الصلاة والسلام عند الكعبة فراه ابو جهل واخذ يسبه سبا شنيعا لم يسب بمثله قط حتي تغير لون وجه عليه الصلاة والسلام ولكنه لم يرد عليه ، كان حمزة بن عبد المطلب عم النبي قادم من رحلة صيد وعند دخوله مكة استوقفته امراه شهدت الموقف عند الكعبة فقالت لو رايت ماذا فعل ابن الحكم بابن اخيك واخبرته بالقصة، فغضب غضبا شديدا وذهب الي دار الندوة وذهب الي ابو جهل وقال له اتسب محمد وانا علي دينه وضربه ضربة فشج راسه وقال هذها مني وانا ابن الاكرمين وقال من يردها علي ، فقام عصبة ابو جهل من بني مخزوم فاوقفهم ابو جهل وقال والله لقد سببت ابن اخيه سبا شديدا، فأسلم حمزة وقوي الاسلام بإسلامه وفرح به النبي عليه الصلاة والسلام فرحا شديدا.

النبي صلي الله عليه وسلم ينقذ قومه من العذاب :

اجتمع سادات قريش مع النبي صلي الله عليه وسلم للنقاش ، فقالوا له يا محمد انت تزعم انك رسول فلماذا لاتأتينا بالمعجزات كما فعل الرسل من قبلك حتي نؤمن بك فطلبوا منه ان يفجر ينابيع من الارض او ان يغنيه الله فيصبح له جنات وقصور او يبعث اباؤهم واجدادهم من الموت ، او يرسل لهم العذاب من السماء ، او يطير الي السماء ويأتيهم بكتاب من السماء ، وقالوا لن نؤمن بك حتي تفعل هذا، وقالوا والله لانؤمن بك حتي نري الله والملائكة، فنزل فيهم قوله تعالي 《وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا* أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا* أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً* أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرأه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً*》 اثناء هذا الحوار جاء جبريل عليه السلام للرسول عليه الصلاة والسلام ، فقال ان شئت ان تستأني بهم (اي تصبر عليهم وترفق بهم) وان شئت وان شئت ان تؤتيهم ما سألو (اي كل الذي طلبوه يتحقق لهم) ، فأن كذبوا هلكوا جميعا (اي لو كذبوا ولم يؤمنوا بعد ان نعطيهم ما طلبوا اهلكوا جميعا وعذبوا ) فقال النبي عليه الصلاة والسلام بل استأني بهم لعل الله يخرج من اصلابهم من يؤمن بي ، قال تعالي : 《وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا》 فصبر عليهم النبي صلي الله عليه وسلم فلو اتاهم بالايات وكذبوا لكانت نهايتهم ولحق عليهم العذاب.

زيادة الاذي للرسول عليه الصلاة والسلام والمسلمين :

في دار الندوة كان ابو جهل بلغ شده من الغضب والغيظ علي النبي عليه الصلاة والسلام (ابو جهل فرعون هذه الامة) فقال انا اخلصكم من محمد فقالوا كيف فقال انا اقتل محمد فأن شئتم منعتموني من بني عبد المطلب وان شئتم تركتوني لهم فيقتلوني به ، فقالوا اقتله ونحن نمنعك ، كان النبي صلي الله عليه وسلم من عاداته انه اذا سجد اطال السجود فاتفقوا علي انه عندما يكون ساجدا ياتي ابو جهل فيضربه بحجر علي راسه فيقتله ، وفي يوم المؤامرة كان عليه الصلاة والسلام ساجدا فأتي ابو جهل من خلفه يحمل حجرا عظيما من شدته انه كان يترنح وهو يحمله فلما اقترب من الرسول صلي الله عليه وسلم ، توقف فجاءة ورمي الحجر وركض بعيدا ، فتعجب الناس ، فاجتمعت اليه قريش وسألوه ما الذي جعلك تهرب، فقال لهم اما رأيتم ؟ فقالوا له ماذا رأيت ، فقال رأيت فحلا من اعظم ما رأيت قد كشر عن انيابه وهجم علي فقالوا ما رأينا شئ.
بعد ان يأسوا من ايقافه صلي الله عليه وسلم اتفقوا علي ان يمنعوا الناس منه فقالوا كل شخص يمنع ويعذب عبيده الذين اسلموا، والاحرار يمنعهم قومهم بنفسهم فبدأ تعذيب واذي شديد للمسلمين ، فعذبوا عذابا شديدا فيه كل انواع واشتد الامر علي المسلمين حتي اتي جماعة منه للرسول عليه الصلاة والسلام فقالوا لقد اذتنا قريش الا تستنصر لنا الا تدعوا لنا ، فقال عليه الصلاة والسلام : 《قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَينِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ》 .
فلما اشتد العذاب والبلاء علي المسلمين جمعهم صلي الله عليه وسلم وقال (لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجَا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ) ، فكان اول من هاجر عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت الرسول صلي اللله عليه وسلم ، وهاجر ابو حذيفة والذبير ومصعب بن عمير و ابو سلمه وام سلمه وعثمان بن مظعون.


تعليقات